ورقة … وثلاثة سطور


lonely woman in bed

تمددت في سريرها في هدوء وفتحت عينيها بينما تحاول أن تطال مصباح الإضآءة فوق الطاولة المجاورة لسريرها. انتشر الضوء الهادئ في ربوع الغرفة وإنسحب على سريرها العريض الذي خلا من رفيق سوى وسادتها الوثيرة الحانية التي تنام في حضنها في كل ليلة.

نظرت في ساعتها لتجد الليل لايزال وليدا في أوله. تعجبت مما أوقظها في هذا الوقت المبكر من الليل وهي التي تعودت أن تنام مبكرا لتستيقظ مبكرا لتتابع عملها يوميا منذ أن تخرجت في جامعتها. لم تنم قيد ساعة قبل أن تفيق. لكن التعجب لم يدم طويلا حين تذكرت آخر مشهد من حلم كانت تعيشه منذ لحظات. ابتسمت وحاولت أن تتذكر حلمها من أوله فهي لم تعتد أن تتذكر أحلامها. كانت كل ليلة من لياليها كسابقتها كلاحقتها ، تنام وتستيقظ وتحلم ولا تتذكر ولا تأبه بتفاصيل أحلام بقدر ماتهتم بعملها وهو كل حياتها وزوجها الذي لم تتزوجه. أغمضت عينيها في محاولة لتذكر تلك اللحظات الجميلة، كيف بدأ حلمها؟ ومن ذاك الرجل الذي كان يهمس في أذنها؟ ودفئ همساته يعانق جيدها ويسري على جسدها كالريح تسري بين وريقات شجرة لا تعرف إلى أي إتجاه تميل أو متى تهدأ الريح.

تقلبت يمينا ويسارا ، احتضنت وسادتها ثم تركتها ثم احتضنتها !

لا نوم ، لاحلم .. لا همس
راح الدفئ بعيدا.

حاولت .. فأطفأت الضوء وراحت تبحث عن آخر ماتبقى من حلمها لتحتفظ به بين جفنيها قبل أن تنساه .

لكن عيونها أبت فأصرت فلم تسمح لها بالنوم … فقامت ، فأضآءت ، فتربعت على سريرها.

لا نوم إذا !!

سحبت من على طاولتها ورقة من بعض ورقات العمل التي تكدست إلى جوارها. قلمها بيدها بقايا حلمها برأسها والأفكار تتداعى أمام عينيها . توقف قلمها عند أول سطر ولم تعرف ماذا تكتب ولم تشعر بنفسها إلا بعد أن خطت بيدها على أول الصفحة حتى آخرها..

أين ذهبت أحلامي !

سقطت دمعة من عينها ، وتوالت أخواتها ورآئها حين تذكرت أنها أفنت عمرها في دراسات وأبحاث وعمل دؤوب دون أن تلتفت لعمرها الذي مر بين أصابعها كالمآء بسرعة لم تشعر بها وهي التي لا تزال تتمتع برجاحة عقل و جمال و ورقة ونعومة تكتسي وجهها وجسدها النحيل الأسيل. تذكرت كم من الرجال حاولوا خطب ودها ، فأزاحت عنهم وجهها.

نظرت لدموعها وهي ترطب أطراف ورقتها التي لم يتبقى منها سوى ثلاثة سطور.

في تحد لكبريائها ، جففت دموعها وأمسكت بقلمها مرة أخرى وراحت تكتب على ماتبقى من سطور…

“عشت لحظات من مشاعر إفتقدتها كانت لي كعمري ، أهدرته قبلها
لم يبق لي منها سوى دفئها أحاط بقلبي وعقلي ، و جســـــدي يتوقها
تشرق غدا شمس يوم جديد هو ميلاد روحي ، ستبحث عن رفيقها”

وضعت ورقتها وقلمها إلى جوارها ،

أطفأت ضوئها وأراحت رأسها على وسادتها والبسمة على شفاهها .

نامت … وهي تتطلع لميلاد جديد لقلبها الذى كاد ينسى كيف ومتى ينبض بالمشاعر

تماما كما كانت تنسى أحلامها…

أشرف صالحين

About Ashraf Saleheen

A Peace advocate. Passionate about my beliefs. Business Development Manager. Building Material Industry. Member of the Worldwide Association for Marketing Executives (Washington DC) Located in Dubai
This entry was posted in قصصي and tagged . Bookmark the permalink.

Leave a comment